"دار الإفتاء المصرية.. تاريخها ودورها الديني والمجتمعي" كتاب صدر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب لمفتي الديار المصرية فضيلة الأستاذ الدكتور/ شوقي إبراهيم علام، وكان الكتاب ضمن موسوعة الثقافة القانونية التي يشرف عليها المستشار الدكتور/ خالد القاضي رئيس محكمة الاستئناف.
أكد فضيلته فيه على أن منصب الفتوى منصب خطير، وبالعناية جدير، فإن المفتي موقع عن رب العالمين، وخليفة الأنبياء والمرسلين، وحاجة الناس إلى الفتوى لا تكاد تنفك عن حاجتهم إلى حفظ الكليات الخمس، فقد تكون سبيلا ومقدمة يتوقف عليها حفظ هذه الكليات، كما أنها تعين المسلم على أداء التكاليف الشرعية على الوجه الصحيح، لا سيما في مسائل النكاح والطلاق التي يترتب على عدم الاستفتاء فيها الإثم العظيم.
والتحديات التي تمر بها الأمة الإسلامية اليوم تؤكد على مكانة الفتوى وعظم مسؤوليتها، فقد شهد عصرنا الراهن تطورات كثيرة في كافة المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو الأمر الذي نشأ عنه الكثير من المستجدات والقضايا التي لم تكن موجودة من قبل، وليس لها مثيل فيما تضمنته كتب الفقه المعهودة، وهذا يتطلب منا ضرورة الاجتهاد لمعالجتها، وحتى نكون على خطا الفقهاء والأئمة فإننا نحتاج إلى اجتهاد جماعي يحقق الدقة في البحث، والتمحيص في الرأي، من خلال اشتراك العلماء والمجامع الفقهية من كافة الدول الإسلامية لتبادل الآراء، حتى يأتي الحكم الفقهي أكثر دقة في الاستنباط وأكثر قربًا للصواب من الاجتهاد الفردي.
وتقف دار الإفتاء المصرية كمؤسسة إسلامية عريقة في طليعة المؤسسات الدينية الوسطية التي تعني بالمستجدات والنوازل بل وكل ما يتعلق بشؤون المجتمع وأفراده في الداخل والخارج، وفي سبيل الفهم الصحيح للواقع الذي تصدر فيه الفتوى قامت دار الإفتاء المصرية بالاستعانة بأكاديميات البحث العلمي عن طريق إجراء الكثير من البروتوكولات مع مجموعة من المؤسسات العلمية والأكاديمية، مثل المركز القومي للبحوث، ودار الكتب المصرية، ومعهد الخدمة الاجتماعية، والبنك المركزي، وغيرها.
وهذه البروتوكولات تخول لأمانة الفتوى بدار الإفتاء الاستعانة بالخبرة العلمية لهذه الهيئات عند الاحتياج إليها كل في تخصصه، لضمان أن تخرج الفتوى على أٍساس علمي مؤصل مبني على تصور صحيح مرتبط بالواقع، ضرورة أن الفتوى مركبة من الحكم الشرعي والواقع، وأنها تختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص والأحوال وهناك تحد آخر وهو انتشار الفتاوى المتشددة التي أدت إلى سفك دماء المسلمين، أكثر مما سفك من قبل أعداء الأمة، وأيضا تلك الفوضى العارمة في مجال الإفتاء من غير المتخصصين عبر وسائل الإعلام المختلفة، وهو أمر يمثل تحديًا كبيرًا لدى العلماء حتى يزيلوا ما علق في أذهان العامة من فتاوى صدرت من غير أهلها.
وفي سبيل ذلك أولت دار الإفتاء المصرية لمحاربة الأفكار الهدامة والمتطرفة عناية كبيرة وأهمية قصوى، وقد بذلت في سبيل ذلك جهودًا عظيمة.
كما عملت دار الإفتاء المصرية على التصدي لفوضى الفتاوى بكل السبل، حيث اهتمت بعملية صناعة المفتين الوسطيين في الداخل والخارج، فيخوض المتقدمون للعمل بالفتوى في دار الإفتاء عدة اختبارات ما بين تحريرية وشفوية إلى أن يتم قبولهم، ثم يتلقى المقبولون تدريبًا مكثفًا يدرسون خلاله مواد علمية وإنسانية تساعدهم في إنزال النص الشرعي على المسألة محل الفتوى. كما دشنت الدار موقع إعداد المفتين عن بعد لمواجهة فوضى الفتاوى بالخارج.
وفي سبيل التصدي لفوضى الفتاوى قامت الدار بعمل لائحة ميثاق شرف للفتوى، ووضعت الأطر القانونية والإجرائية للتصدي لفوضى الفتاوى بالتعاون مع كبار العلماء والمفتين في العالم.
ويلقي هذا الكتاب الضوء على الفتوى وتاريخها وأهميتها، وتاريخ دار الإفتاء ودورها الديني والمجتمعي، وريادتها في هذا العصر وما يعج به من مستجدات ونوازل وقضايا شائكة.
وقد تناول الكتاب هذه الموضوعات من خلال أربعة فصول على النحو التالي:
الفصل الأول: تعريف الإفتاء وأهميته.
الفصل الثاني: تاريخ دار الإفتاء المصرية كمؤسسة وطنية مستقلة.
الفصل الثالث: منهجية الفتوى في دار الإفتاء المصرية.
الفصل الرابع: مكانة دار الإفتاء ودورها الريادي في صون الفتاوى الشرعية. 

 

اقرأ أيضا