زار الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي مصر معهد العلوم الشرعية بالخوير، وقد التقى خلال الزيارة بالهيئتين الإدارية والتدريسية والطلبة.
وعبر فضيلته عن سعادته بعودته إلى السلطنة، البلد الأول الحبيب إلى قلبه مع مصر المحروسة، قائلًا: فما وجدت إلا كل خير في عشر السنوات التي جلستها هنا في عمان إدارة وطلابًا وشعبًا.
وقال: لم أكن أعلم عن المذهب الإباضي قبل أن آتي إلى هنا إلا فكرة موجزة أنه المذهب الرسمي للسلطنة، لكنني عندما جئت وقرأت في المذهب في التخصص الذي هو الفقه وقرأت بعضًا من علم أصول الفقه والعقيدة كان كل ما قرأته بخلاف ما سطر عن المذهب من قبل غير المذهب في الكثير منه، ولذلك كانت النصيحة لطالب العلم ألا يأخذ المعرفة عن أحد إلا من مصادره وكتبه فضلًا عن سلوكه العام الذي تعايشه، وقد عايشت عمان شعبًا في الشارع والبيت وجيرة ووظيفة عامة وعايشته طلابًا، فما وجدت إلا السلوك القويم الذي يستحق التقدير والثناء، فتجانس النظر مع التطبيق، والفكرة مع الواقع، وما قرئ كان مغلوطًا، وينبغي أن يصحح، وأن يعاد النظر من جديد في التاريخ الإسلامي كله، لا في تاريخ الإباضية فقط، بل في تاريخ كل المذاهب الإسلامية.
وأكد: نحن على ثقة تامة بأن الكثير فيما بيننا نستطيع أن نتعايش من خلاله، فإن ما بين المذاهب الإسلامية قدر كبير جدًّا يمكن أن يكون أرضية للتعايش، لكن يحتاج الأمر إلى حسن نية، ويحتاج إلى تدبر من أولي النهى، وأولي العقول الراجحة لكي نرجع إلى عهدنا الأول عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس في منطقة الاجتهاد الكثير من الاختلاف إنما هي وجهات نظر يمكن أن تحتوي الواقع في كل أرجاء الدنيا، بتسامح ودون تعصب، لو قرأنا منطقة المختلف فيه بروح الفقيه والقواعد الضابطة لا نجد في الحقيقة أننا أمام خلاف كبير، فليست المنطقة واسعة جدًّا في الاختلاف إنما هي قريبة جدًّا من التوافق والعيش المشترك.
وأضاف، المذهب الإباضي مذهب قديم وهو من أقدم المذاهب الإسلامية، متجذرًا في الوجود، عكف على بحثه تأصيله والبحث فيه والتعمق فيه عدد كبير من العلماء على اختلاف العصور، ومما قرأته من كتب المذهب التي ألفت من قديم كتاب النكاح فوجدت صاحبه ذا عقلية متميزة كبيرة يميل إلى إعمال العقل إلى أبعد حد حتى إن خالف أشياخه وأقرانه، وهي منزلة كبيرة في الحرية العلمية دون تعصب أو تقليل من شأن الأشياخ، وقد شغفت بتأليف مجدد العصر الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى فقرأت له كتاب "معارج الآمال"، وعندما تطالع هذا الكتاب -رغم أنه لم يكتمل- تجده موسوعة علمية عميقة، ولو أن القدر شاء للإمام السالمي إكمال كتابه لكان للفقه الإباضي شأن جديد مختلف عن التآليف السابقة. وقرأت أيضًا لصاحب كتاب "نثار الجوهر" الذي ألف كتابه بمنهجية غريبة لم نعهدها في التآليف السابقة إنما أتى بمنهج جديد كأنك تقرأ كتابًا أُلف اليوم، مع عمق في التحليل وإحاطة بالمسألة إحاطة تامة، ولو أن القدر شاء لهذين الكتابين أن يكتملا لكان للمذهب شأن آخر الآن، لكن الأمل لا ينقطع، فجاء على رأس المذهب الآن سماحة الشيخ العلامة الكبير الخليلي، ولا نقول إن الشيخ بفتاويه المقربة جمع بين أهل عمان فحسب بل بين العالم الإسلامي كله، ونحن كطلبة علم نلمس ذلك ونلحظه جيدًا، من خلال فكره الذي ينبني على التقريب، والأمل معقود على شباب عمان في أن ينهض وأن يكون عميقًا في دراسته، والأمل معقود أكثر على طلاب هذا المعهد لأنهم يحملون راية العلم الشرعي، وأن يكونوا على قدر هذه المسؤولية وأن يكونوا رسلًا للمعهد سلوكًا وخلقًا وعلمًا، ينفعون مجتمعهم وبلاد المسلمين قاطبة.
الجدير بالذكر أن الشيخ المفتي كان عضوًا في هيئة التدريس بمعهد العلوم الشرعية لمدة عشر سنوات وكان رئيسًا لقسم الفقه وأصوله خلال المدة ذاتها.